على منهاج النُّبُوَّة ٢٤
اِعلَمْ أبا مسعود!
جاءَ بشريعةٍ مُتكاملة، وأرسى قوانين كثيرة، غير أنه كان يُريدُ من هذه الأُمَّة أن تعبد الله كأنها تراه، أن تفعل الخير طمعاً في المثوبة، وأن تترك الإثم خوفاً من الله لا خوفاً من الحدِّ أو القانون. وما يُسمِّيه علماء السلوك الاجتماعي اليوم "بالانضباط الذاتي" هو ما أخبرنا عنه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قبل ألف وأربعمئة سنة مُجيباً جبريل على سؤاله:
ما الإحسان؟ فقال له: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك!
يُحدِّثنا أبو مسعود البدري يقول: كنتُ أضرِبُ غلاماً لي بالسوط، فسمعتُ صوتاً خلفي: اِعلَمْ أبا مسعود! فلم أفهم الصوت من الغضب!
فلما دنا مني فإذا هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فألقيتُ السَّوط من يدي!
فقال لي: اِعلَمْ أبا مسعود أنَّ الله أقدرَ عليكَ منكَ على هذا الغلام!
فقلتُ: واللهِ لا أضربُ مملوكاً بعده أبداً، وهو حُرٌّ لوجه الله
فقال: أما لو لم تفعل لمسَّتكَ النار!
ثمّة أشياء لا يُحاسِبُ عليها القانون، ولا تُعتبرُ في عُرف المحاكم لا جرائمَ ولا جُنَحاً، ولكن الله يرى، والملائكة تكتبُ، والمحكمة غداً، حين تُنشرُ الكتب التي لا تُغادر صغيرة ولا كبيرة!
إنَّ الزوجة التي تُسمعها كلاماً لاذعاً كالسياط لن تشكوك إلى المحاكم، وإنْ فعلتْ فلن تجد من القُضاة آذاناً صاغية، ولكن الله سبحانه وتعالى سمع شكواها، ورأى جرح قلبها وهو أقدرُ عليكَ منكَ عليها!
إن العامل البسيط الذي لم تدفعْ له حقّه لن يجرؤ أن يقترب من مركز الشرطة ليشكوك، وربما إن تجرَّأ وفعل فستنجو منها وأنتَ المُتنفِّذ صاحب العلاقات والواسطات، ولكن الله سبحانه قد علِم مظلمته، وسمعَ دعواه، وهو يُجيبُ دعوة المظلوم الكافر على الظالم المُسلم لا حُباً بالكافر، ولا بُغضاً بالمسلم، ولكن حُباً بالعدل وبُغضاً بالظلم! فما بالك لو كان المظلوم مُسلماً، فسجدَ ثم قال: اللهم إني مغلوب فانتصر! دعاء نوح عليه السلام الذي يوم استجاب الله له أغرقَ الأرض كلها نصرةً له!
أولادك الذين ميَّزتَ بينهم في المعاملة في حياتك، وفي الميراث في مماتك، لن يرفع المظلوم منهم دعوى سوء مُعاملة، محاكم البشر لم تُنشأ لهذه القضايا، والميراث الذي جعلته عقد بيع وشراء لِتحرمَ ولداً وتُعطيَ آخر تعترف به السجلات العقارية، ولكن تذكر أنه ليس المهم ما تكتبه السجلات العقارية وإنما ما تكتبه الملائكة!
مما يُشاهد في الحياة عَياناً أن الأقوياء إذا تخاصموا أركنهم الله إلى الأسباب، وحظُّ كل واحد منهم من النصر مقدار ما أخذ من السبب، ولكن حين يظلمُ القويُّ ضعيفاً لن يموت القوي قبل أن يقتصَّ الله تعالى للضعيف منه، فإياك أن تخاصم وتظلم هؤلاء الذين ليس لهم إلا الله!
اِعلَمْ أبا مسعود!
جاءَ بشريعةٍ مُتكاملة، وأرسى قوانين كثيرة، غير أنه كان يُريدُ من هذه الأُمَّة أن تعبد الله كأنها تراه، أن تفعل الخير طمعاً في المثوبة، وأن تترك الإثم خوفاً من الله لا خوفاً من الحدِّ أو القانون. وما يُسمِّيه علماء السلوك الاجتماعي اليوم "بالانضباط الذاتي" هو ما أخبرنا عنه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قبل ألف وأربعمئة سنة مُجيباً جبريل على سؤاله:
ما الإحسان؟ فقال له: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك!
يُحدِّثنا أبو مسعود البدري يقول: كنتُ أضرِبُ غلاماً لي بالسوط، فسمعتُ صوتاً خلفي: اِعلَمْ أبا مسعود! فلم أفهم الصوت من الغضب!
فلما دنا مني فإذا هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فألقيتُ السَّوط من يدي!
فقال لي: اِعلَمْ أبا مسعود أنَّ الله أقدرَ عليكَ منكَ على هذا الغلام!
فقلتُ: واللهِ لا أضربُ مملوكاً بعده أبداً، وهو حُرٌّ لوجه الله
فقال: أما لو لم تفعل لمسَّتكَ النار!
ثمّة أشياء لا يُحاسِبُ عليها القانون، ولا تُعتبرُ في عُرف المحاكم لا جرائمَ ولا جُنَحاً، ولكن الله يرى، والملائكة تكتبُ، والمحكمة غداً، حين تُنشرُ الكتب التي لا تُغادر صغيرة ولا كبيرة!
إنَّ الزوجة التي تُسمعها كلاماً لاذعاً كالسياط لن تشكوك إلى المحاكم، وإنْ فعلتْ فلن تجد من القُضاة آذاناً صاغية، ولكن الله سبحانه وتعالى سمع شكواها، ورأى جرح قلبها وهو أقدرُ عليكَ منكَ عليها!
إن العامل البسيط الذي لم تدفعْ له حقّه لن يجرؤ أن يقترب من مركز الشرطة ليشكوك، وربما إن تجرَّأ وفعل فستنجو منها وأنتَ المُتنفِّذ صاحب العلاقات والواسطات، ولكن الله سبحانه قد علِم مظلمته، وسمعَ دعواه، وهو يُجيبُ دعوة المظلوم الكافر على الظالم المُسلم لا حُباً بالكافر، ولا بُغضاً بالمسلم، ولكن حُباً بالعدل وبُغضاً بالظلم! فما بالك لو كان المظلوم مُسلماً، فسجدَ ثم قال: اللهم إني مغلوب فانتصر! دعاء نوح عليه السلام الذي يوم استجاب الله له أغرقَ الأرض كلها نصرةً له!
أولادك الذين ميَّزتَ بينهم في المعاملة في حياتك، وفي الميراث في مماتك، لن يرفع المظلوم منهم دعوى سوء مُعاملة، محاكم البشر لم تُنشأ لهذه القضايا، والميراث الذي جعلته عقد بيع وشراء لِتحرمَ ولداً وتُعطيَ آخر تعترف به السجلات العقارية، ولكن تذكر أنه ليس المهم ما تكتبه السجلات العقارية وإنما ما تكتبه الملائكة!
مما يُشاهد في الحياة عَياناً أن الأقوياء إذا تخاصموا أركنهم الله إلى الأسباب، وحظُّ كل واحد منهم من النصر مقدار ما أخذ من السبب، ولكن حين يظلمُ القويُّ ضعيفاً لن يموت القوي قبل أن يقتصَّ الله تعالى للضعيف منه، فإياك أن تخاصم وتظلم هؤلاء الذين ليس لهم إلا الله!